فكرة عشق (3)
على كل لا أعشقها ،ولست بكل أعشقها ،وفي صدق لا أحبها ولا بصدق أحببتها ، لست مغرم بها ولا حل بي غرامها ؛ هذه كلمات من صار يعشق وبات خائف من صيرورته ؛ على كل حال هذا قول من فعله ناقص بشفرة معرفة ، وشهادة كلمة ،هو كلام من جسد مرسوم على أيام روح مجروح ..
في حقيقتي أني لا أمتلك العشق ولا أعلم له شكلا أو لونا ، لا أعلم مادته أو هيئته ، لا أدري كيف يأتي أو مع من يأتي هل يأتي حلم في المنام ؟ أم أنه مطوي في الغمام ، وينزل ماء فيُشرب أو قطرات بالرأس تُضرب ؛ هل هو شيء ؟ أم أنه فكرة ،أو أن الفكرة نفسها جعلت منه شيء ، حتى أصبح شيء من فكرة ؛ يا لله كيف تجرأ وأخذ من الفكرة اسمه !، والآن أليس من حقي أن أخاف من أن تكون لي صلة به فيتجرأ ويأخذ مني جسمه ؛ بعد أن رأيت منه جراءة تبين لي شيء من ماهيته فاسمه فكرة وجسمه أنا ،وماذا سأكون بعد ذلك أنا ؟
لن أقولها في نفسي فالحق يقال بصوت عال حتى مع النفس ؛ سأكون أنا بعدها فقط رسمة للعشق على جدار الروح…
هكذا عرفت العشق وعرفت من سأكون به ،لكن ما مصدره ؟من أين يأتي؟كيف يسرق الجسم؟ هل يترك الروح ؟
أما هذه فأسئلة محب أجاب عليها ونحتها في نفسه لتباركها فراشات من مصدر عشقه الملتهب نارا مالها من نور ، فأنى للفراشات أن ترى نارا من قبس مفتون يوقع بها فيحرقها..
أما هذه العبارات فهي آيات الغرام و هي جمل خطتها سهام أطلقت من عين حسناء لا تتحرى الحلال ولا تخشى من الحرام ،هي راقصة تحملها عابدة أحيانا كثيرة، هي في ذات الأحيان عابدة تثقلها راقصة ؛
في أحيانها الأخرى وهي كما هي مالكة الحسن والإحسان فهي بهذا تحكم في مُلكين ، وهي كما هي جميلة بجمال فن وجمال خَلق يتوجه حسن خُلق فهي بهذا ذات الجمالين ، وهي كما هي أنثى ثنى عليها النور معطفه مرتين مرة بأمنية منها ،ومرة بشوق منه فهي بهذا على نورين ، هذه نفسها هي من تقف أمام المرآة فيخيل لها أمرين ؛
الأمر الأول حين تسقط من داخلها الراقصة تشعر بأنها ناقصة فترى مالا تراه ،وتصور ماخيل لها في المرآة ، ترى نفسها عارية وإن كانت تغطي نفسها بقليل من الهواء الذي لم تراه ؛ ترى نفسها مجموعة من دوائر لحمية مصفوفة بعضعها فوق بعض ،في ذات الحين يأتي خيالها بالأمر الثاني فتبدأ ترى عين ذلك الرجل الجالس على المقعد في أقصى يسار المرآة ، وهي تلتهم مازاد في خصرها من دوائر لحمها هذا مارأت هي ، أما ما روت عينيه فهو سحر جسمها ؛
عادت إلى خيالها الأول وبدأت متمنية أن يمتلئ مسرح المرآة عيون رجال ليتشكل جمالها ؛ يخيل لي أنها أكملت كل أحيان عمرها بين خيالين ، وأمرين هما بشديد الاختصار خيال جمال ناقص خالي من رجل ، وخيال جمال مكتمل بنظرات رجال ، تؤكده رقصة مع ألوان من الأحضان ؛
يخيل لي أنها ترى جمالها في نفسها وتنكره ، هي تريد أن تراه في عيني ثم في عينيك ومن ثم في عينيه ثم تطوي مارأت لتروي جوعها لتصل إليها بعض من عيون أخرى …
أيتها الجميلة كمُلت امرأت فرعون ،وكانت مثلا للرجال قبل النساء ، فكمُل من الرجال كثير ولم تكُمل من النساء إلا قليلا هن ثلاث، ولا بأس في فكرة أن تكون لك أسوة لتخلع الفكرة اسمها عن العشق وتعطيه لصاحبة القدوة…
اضافة تعليق